عامي الأول في كندا — تهيئة حياة جديدة لأطفالي
تأكدت أن علينا مغادرة سوريا عندما بدأت الكوابيس تراود أطفالي
This article is a translation of "My year as a refugee: Creating a new life for my four children."
كنت في شهري الثالث من الحمل بإبنتي ريتاج عندما بدأت الصراعات والأحداث في بلدي.
كنّا نعيش أوقات صعبة جداً إقتربنا فيها من الموت المحتم عدة مرات، توقفت بعدها الدراسة ولم نعد نتمكن من تأمين احتياج اتنا الأساسية.
بدأ يظهرلأولادي الثلاثة، أيمن وزينب ونادية، بعض المشاكل في النوم وراودتهم كوابيس متتالية مما جعلني أدخل في مشاورات عديدة مع زوجي، قررنا بعدها أن نسافر إلى المجهول تاركين الأهل والأصدقاء والذكريات.
رحلنا للأردن حيث كلفتنا حياتنا الجديدة معظم مدخراتنا. تمكن بعدها زوجي من إيجاد عمل محترم وبأجر جيد ولكن بعقد غير قانوني بسبب قانون منع السوريين من العمل. أثّر هذا الأمر على صحته وأعصابه فكان يعمل لساعات طويلة وبجهد كبير لتأمين الحاجة الضرورية للعيش بمستوى جيد من أجل الأولاد.
وبعد شبه إستقرار بدأت البحث عن طريقة لمساعدة السوريين الجدد. تعرفت بعدها على أخصائيين وأطباء في مجال علم النفس و بدأنا بعمل زيارات ميدانية لدعم الأسر السورية اللاجئة لمساعدتهم طبياً ونفسياً واجتماعياً، مما أدى لتشكيل منظمة المستقبل الزاهر للصحة النفسية.
مرت الأيام ثم وصلتني رسالة من هيئة الأمم المتحدة تبلغني بأن ملفي تم ترشيحه للسفر الى كندا.
كانت مفاجأة كبيرة وغير متوقعة.
أخذ منا قرار السفر وقت طويل، حيث كانت المشاورات مع أولادي متعبة حيث لم يوافقوا على السفر في بادئ الأمر، وبعد التردد بين الرفض والقبول قررنا خوض المغامرة بهدف تأمين مستقبل أفضل للأولاد.
كانت رحلة السفر مخيفة بالنسبة لأولا دي لأنها كانت المرة الأولى لهم على متن طائرة. لن أنسى لحظات إقلاع الطائرة والخوف ظاهر على وجوه أولادي.أستخدمت بعدها كتاباً تعليمياً عن جغرافيا كندا لألهي الأطفال وأنسيهم مخاوف الرحلة.
استمرت الرحلة 14 ساعة في الطائرة حتى الوصول إلى مطار تورونتو.
برغم إرهاقنا الشديد بسبب اختلاف الوقت، ولكني لن أنسى الأشخاص الذين استقبلونا بإبتسامة جميلة مع هدايا للأطفال تفرحهم وتنسيهم بعضاً من آلام الرحلة.
انطلقنا بعدها بيومين إلى مدينة لندن التي سنستقر بها، حيث أقمنا في فندق جميل لمدة 20 يوماً، تعرفنا فيها على عائلات سورية كانت تقيم معنا.
كانت العائلات السورية تساند بعضها البعض أثناء وجودنا في الفندق كما كنّا نستمع إلى محاضرات عديدة عن القوانين في كندا، فيما شارك الأطفال يومياً بأنشطة تعرفهم بنظام المدارس الجديد.
إنتقلنا بعدها لمنزلنا البسيط.
مررنا ببعض الصعوبات بعدها، ففي بداية وصولنا إنتقلنا لبيت بعيد إلى حد ما عن المدارس ومع عدم توفر الباص كنت أضطر للخوض بمعاناة يومية متمثلة بالمشي في الثلج لفترة ليست قصيرة حتى أوصل الأطفال إلى مدارسهم ثم أتابع أنا المشي إلى مدرستي.
واحدة من المشاكل التي واجهتها كانت مع إبني أيمن، الذي تعرف في مدرسته على أصدقاء يتكلمون العربية مما أثر على تقدمه في اللغة الانجليزية. إضطرني هذا الأمرإلى نقله الى مدرسة أخرى تحسنت بعدها لغته الإنجليزية بشكل ملحوظ.
كان التفاوت الثقافي وإختلاف الأفكار من الصعوبات الأخرى التي واجهتها، الأمر الذي كان مرهقاً إلى حد ما بسبب عمر أولادي الحرج.
كنت أكرس بعض الوقت يومياً مع أولادي لتعريفهم على الحقوق والواجبات وتخصيص جلسة هادئة نستمع فيها لبعضنا البعض ونخرج منها بحكمة تعيننا على الحياة الجديدة.
قرارنا التالي كان شراء سيارة للتخفيف من أعباء التنقل في الم دينة وقررت أن أحصل على رخصة القيادة الكندية.
لم أتوقع أن أرسب في الامتحان في بداية الأمر، لأنني كنت اجيد القيادة ولكن القوانين هنا تختلف عن بلادي كثيراً.
إرتباكي أنساني أن أضع حزام الأمان في الامتحان فاضطررت أن أعيد الامتحان والحمد الله توفقت بالمرة الثانية وكنت من النساء الأوائل من اللاجئين في مدينة لندن في الحصول على رخصة القيادة.
التطوع يعد من أجمل الأشياء التي أحببتها في كندا، فأنا أتطوع بمدرسة أطفالي كلما سنحت لي الفرصة كما أتطوع بعدة أماكن أخرى، وأتمنى مستقبلاً أن أساعد العوائل السورية الجديدة في لندن.
من الأمور الأخرى التي أحببتها هنا هي الفصول الأربعة. بعد مرور عام لي هنا، وجدت أن الطبيعة في كندا رائعة جداً، فهي تمكنني من استعادة صفائي وهدوئي.
This column is part of CBC's Opinion section. For more information about this section, please read this editor's blog and our FAQ.